الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية التخطــيـط الاستـراتـيجـي ضــدّ الارهاب مسؤولية الباجي والصيد

نشر في  15 أفريل 2015  (10:48)

بقلم: محمد المنصف بن مراد

منذ إبعاد الترويكا ونجاح نداء تونس وتعيين الحبيب الصيد وناجم الغرسلي بدأت الأشياء تتغيّر، فقد نجحت بعض الوحدات الأمنية في تسديد ضربات موجعة للارهابيين، وفي هذا السياق كان لتعيين مسؤول شابّ على رأس فرقة مكافحة الارهاب أثر إيجابيّ والفضل في ذلك يعود الى تكوينه وخبرته في حماية الشخصيّات.. في الأثناء هناك أسئلة يجب طرحها  على الحكومة وعلى رئاسة الجمهورية حتى نتجنّب حربا تدوم عشرين أو ثلاثين سنة...
على صعيد التدخل والتكتيك ـ فإنّ الأمن التونسي من أحسن الأجهزة في العالم، فالنّخبة أو الطلائع من الأمن والحرس ممتازون ولهم ما يكفي من التمرّس لردّ  الفعل على كل الهجومات الارهابيّة ولا يفتقرون الاّ لبعض التجهيزات التي تسمح لم بالقضاء على مرتكبي ايّة عملية ارهابيّة إذا تدخّلوا بسرعة ومكّنت التضاريس من ذلك وإذا كانت إرادة القيادة السياسية فولاذيّة. بقي أن الأغلبية الساحقة  من المسؤولين الأمنيين والأعوان غير مؤهّلين للتصدّي للارهاب لأنهم يفتقرون للتكوين والتنظيم اللذين يسمحان لهم بمواجهة طاعون الارهاب بجدية، فهم طيلة ستين سنة لم يتعاملوا الاّ مع الجريمة العادية كالسرقة والميسر والخمر والدعارة، اضافة طبعا الى مراقبة المعارضين والتجسّس عليهم، مع التذكير بأنّ مصالح «العائلات المالكة» منعتهم من شنّ حرب جدّية على هذه الآفات! انّ «الآلة» الأمنية بحاجة الى تأهيل سريع وحازم ـ على جميع المستويات ـ  كما هي بحاجة الى اقصاء كل المندسّين والمتشدّدين...
أما على الصّعيد الاستراتيجي  اي التخطيط،  فتونس تفتقر الى مخطط محكم تنجزه صفوة من الضباط السامين الذين درسوا آفة الارهاب في تونس والخارج سواء كانوا في الأمن أو في الجيش.. فإذا كانت الاختيارات السياسية من مشمولات الحكومة ورئاسة الجمهورية فانّه لا السيد الباجي قايد السبسي ولا السيد  الحبيب الصيد ولا السيد ناجم الغرسلي ولا فرحات الحرشاني لهم التكوين الاستراتيجي لإعداد المخطط الذي تفتقر له تونس الى حدّ يومنا هذا! فلماذا كلّ هذا الانتظار بعد ان تخاذلت حكومات الترويكا مع العنف وانتشار الأسلحة في حين لم يهتم المهدي جمعة بهذا الموضوع بما فيه الكفاية؟

والمطلوب اليوم هو الاتفاق على مخطط استراتيجي لكسر شوكة الارهاب دون اشراك الاحزاب السياسية ومجلس الشعب او شخصيات لها ميولات متشدّدة.. فماذا تنتظر رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة لبعث لجنة متكوّنة من ضباط سامين لهم دراية واسعة بملف الارهاب أو درسوا طاعون الإرهاب في أهمّ الأكاديميات العسكرية؟  ثمّ ماذا تنتظران لتكوين لجنة مهمّتها السهر على تنفيذ المخطّط الاستراتيجي لسحق الارهاب؟ (التعامل مع المهرّبين، المساجد، انتشار الأسلحة، ليبيا، الجمعيات الخيريّة، الإعلام، التكوين، المواني بما في ذلك المواني الترفيهية، الحرب النفسية، مكافأة للمخبرين، التجهيزات والأسلحة، التنظيم، الحرب الاستباقية، الانتشار، دور الجيش في هذه الحرب).. انّ أمن تونس في حاجة لضباط في الأمن والجيش مختصّين لإعداد مخطّط شامل استراتيجي للقضاء على هذا الطاعون!
وبينما تشكو البلاد غياب رؤية استراتيجية لآفة الارهاب وهي بحاجة الى تعاون جدي مع الجزائر ومع كل البلدان التي تقاوم شرور هذا الطاعون، تواصل الطبقة السياسيّة الخوض في مشاكل المنافع والتموقع وتشغيل الأصدقاء! انّ رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة مطالبتان بمراجعة تعاملهما مع الارهاب والإذن بالتخطيط لاستراتيجية واضحة حتى نجتثّ الارهاب خلال سنوات، علما انّ المخاطر ستتفاقم بسبب وجود متطرّفين في ليبيا وانعدام الوعي الكافي لدى الطبقة السياسيّة.
انّي على يقين من انّ السيدين الباجي قايد السبسي والحبيب الصيد سيهتمان بهذا الموضوع ولكن إن لم يسارعا بما يستوجبه الوضع الحالي فوداعا ياتونس وسيحسب ما يسقط من ضحايا على عدم  وعيهما بحقيقة الأمر...

من جهة أخرى، هل أعطيت تعليمات صارمة للأمن والحرس واستعلامات  الجيش للتحسب للعملية أو للعمليات الارهابية التي سينفّذها الارهابيون ـ لا قدر الله ـ بعد اغتيال لقمان أبو صخر ومرافقيه في قفصة من قبل بعض الأمنيين الأبطال؟
نحن شعب لا نخاف ومع هذا ننتظر من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ان تتحمّلا مسؤولياتهما كاملة في ما يتعلّق بالتخطيط الاستراتيجي ضدّ الارهاب... وإن لم تفعلا، فستكونان مسؤولتين عن تفاقم الارهاب وارتفاع عدد الضّحايا..
كلمة أخيرة حول موضوع مستودع «الفوشيك» في صفاقس.. إذا لم تبد الديوانة والحكومة الصّرامة الضرورية فوداعا يا أمن تونس لأنّ حدودك مخترقة وبالإمكان شراء ذمم بعض المسؤولين الساهرين عليها.. ومهما كانت الأسماء فعلى الجناة أن يدفعوا خطايا رادعة حتى يكون ذلك درسا، ولا فائدة من محاسبة موظّفين صغار أو القائمين على المستودع عوض  محاسبة كبار الفاسدين الذين يتمتّعون بحصانة سياسيّة أو يتستّرون وراء علاقاتهم العائلية.. هناك نظام مافيا لم تتصدّ له السلطات التونسيّة خوفا من المشاكل! مسكينة تونس!